responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 302
جَاءَهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصِّدْقِ فَكَذَّبُوهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بهم عقوبته كَمَا أَنْزَلَ بِآلِ فِرْعَوْنَ، وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، أَيْ: كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ.
ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، [أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُغَيِّرُ مَا أَنْعَمَ عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا هُمْ] [1] مَا بِهِمْ بِالْكُفْرَانِ وَتَرْكِ الشُّكْرِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ غَيَّرَ اللَّهُ مَا بِهِمْ، فَسَلَبَهُمُ النِّعْمَةَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: نِعْمَةُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى قُرَيْشٍ وَأَهْلِ مَكَّةَ، فَكَذَّبُوهُ وَكَفَرُوا بِهِ فَنَقَلَهُ اللَّهُ إِلَى الْأَنْصَارِ، وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ، كصنيع آلِ فِرْعَوْنَ، وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، مِنْ كُفَّارِ الْأُمَمِ، كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ، أَهْلَكْنَا بَعْضَهُمْ بِالرَّجْفَةِ، وَبَعْضَهُمْ بِالْخَسْفِ، وَبَعْضَهُمْ بِالْمَسْخِ، وَبَعْضَهُمْ بِالرِّيحِ، وَبَعْضَهُمْ بِالْغَرَقِ، فَكَذَلِكَ أَهْلَكْنَا كَفَّارَ بَدْرٍ بِالسَّيْفِ لَمَّا كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ، وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ، يَعْنِي: الأوّلين والآخرين.

[سورة الأنفال (8) : الآيات 55 الى 58]
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (58)
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي يَهُودَ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابُهُ.
الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ، يعني: عاهدتهم، [وقيل] [2] : عاهدت بعضهم [3] . وَقِيلَ: أَدْخَلَ مَنْ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَخَذْتَ مِنْهُمُ الْعَهْدَ، ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَهُمْ بَنُو قُرَيْظَةَ نَقَضُوا الْعَهْدَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعَانُوا الْمُشْرِكِينَ بِالسِّلَاحِ عَلَى قِتَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالُوا: نَسِينَا وَأَخْطَأْنَا فَعَاهَدَهُمُ الثانية [4] ، فنقضوا العهد ومالؤوا الْكُفَّارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَرَكِبَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ إِلَى مَكَّةَ فَوَافَقَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ، لَا يَخَافُونَ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَقْضِ الْعَهْدِ.
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ، تَجِدَنَّهُمْ، فِي الْحَرْبِ، قَالَ مقاتل: إن أدركتهم بالحرب وَأَسَرْتَهُمْ، فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَكِّلْ بِهِمْ مِنْ وَرَائِهِمْ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنْذِرْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ. وَأَصْلُ التَّشْرِيدَ: التَّفْرِيقُ وَالتَّبْدِيدُ، مَعْنَاهُ: فَرِّقْ بِهِمْ جَمْعَ كَلِّ نَاقِضٍ، أَيْ: افْعَلْ بِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَقَضُوا عهدك وجاؤوا لِحَرْبِكَ فِعْلًا مِنَ الْقَتْلِ وَالتَّنْكِيلِ، يَفْرَقُ مِنْكَ وَيَخَافُكَ مَنْ خَلْفَهُمْ مَنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ، لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ، يتذكّرون ويتّعظون وَيَعْتَبِرُونَ فَلَا يَنْقُضُونَ الْعَهْدَ.
وَإِمَّا تَخافَنَّ، أَيْ: تَعْلَمَنَّ يَا مُحَمَّدُ، مِنْ قَوْمٍ، مُعَاهَدِينَ، خِيانَةً، نَقْضَ عهد بما يظهر لكم مِنْ آثَارِ الْغَدْرِ كَمَا ظَهَرَ مِنْ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ، فاطرح لهم عَهْدَهُمْ، عَلى سَواءٍ، يَقُولُ: أَعْلِمْهُمْ قَبْلَ حَرْبِكَ إِيَّاهُمْ أَنَّكَ قَدْ فَسَخْتَ الْعَهْدَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ وَهُمْ فِي الْعِلْمِ بِنَقْضِ الْعَهْدِ سَوَاءً، فَلَا يَتَوَهَّمُوا أَنَّكَ نَقَضْتَ الْعَهْدَ بِنَصْبِ الْحَرْبِ مَعَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخائِنِينَ.

[1] زيد في المطبوع وط.
[2] زيادة عن المخطوط.
[3] في المطبوع وط «معهم» .
[4] في المخطوط «ثانيا» .
نام کتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست